في تطور غير مسبوق ينذر بانزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة، وسّعت إسرائيل، السبت، نطاق عملياتها العسكرية داخل إيران لتشمل منشآت النفط والغاز، بعد يوم من الضربات الجوية التي استهدفت مواقع نووية وعسكرية. ويأتي ذلك في إطار تبادل مكثف للهجمات بين الطرفين لليوم الثاني على التوالي، ما أثار مخاوف دولية من اتساع رقعة الصراع وجرّ قوى كبرى إلى المواجهة.
وأكدت مصادر إسرائيلية أن نحو 150 ضربة نُفذت على الأراضي الإيرانية خلال يومين، استهدفت منشآت استراتيجية من بينها العاصمة طهران، حيث أُعلن عن تدمير أجزاء من شبكة الدفاع الجوي، بالإضافة إلى منشآت للطاقة في بوشهر وعسلوية، بما في ذلك حقل “جنوب بارس” ومصفاة نفطية. ونقلت وكالة “فارس” الإيرانية أن الضربات أدت إلى اندلاع حرائق ضخمة في تلك المنشآت.
وأفادت مصادر رسمية إيرانية بمقتل 78 شخصاً وإصابة قرابة 300 آخرين، بينهم أربعة من كبار قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، من ضمنهم اللواء محمد باقري والجنرال حسين سلامي، بالإضافة إلى علي شمخاني، أحد أبرز المفاوضين في الملف النووي الإيراني.
في المقابل، أطلقت إيران أكثر من 200 صاروخ باليستي وعشرات الطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، في هجوم وصفته بـ”الرد المشروع”. إلا أن معظمها أُسقط بواسطة منظومة القبة الحديدية والدفاعات الجوية الأخرى، بحسب الجيش الإسرائيلي، الذي أكد وقوع ثلاثة قتلى على الأقل وقرابة 20 جريحاً، في مناطق وسط البلاد منها تل أبيب ورامات جان.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الضربات استهدفت بنية البرنامج النووي الإيراني، مؤكدًا تدمير محطة التخصيب فوق الأرض في نطنز، ما أدى إلى “تسرب إشعاعي محدود قابل للإدارة”، بحسب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، الذي أبلغ مجلس الأمن أيضاً عن تعرض منشآت فوردو وأصفهان للقصف.
وفي ظل التصعيد العسكري، أعلن مسؤولون أميركيون وعُمانيون إلغاء جولة محادثات كانت مقررة في مسقط بين واشنطن وطهران الأحد، بسبب “عدم جدوى استمرار الحوار” بعد التطورات الأخيرة. وأعربت الإدارة الأميركية عن قلقها إزاء تفاقم الوضع، وأكدت أنها بصدد تحريك قطع بحرية ومعدات عسكرية إضافية إلى الشرق الأوسط لحماية قواتها وحلفائها، دون أن تتدخل عسكريًا بشكل مباشر حتى الآن.
ورغم نفي الجيش الإسرائيلي مشاركته في استهداف مطار مهرآباد في طهران، قالت وسائل إعلام إيرانية إن أحد حظائر الطائرات العسكرية في المطار تعرض لأضرار خلال الضربات الليلية.
ومع استمرار القصف المتبادل، يعيش السكان في كل من إيران وإسرائيل حالة من الترقب والخوف. ففي تل أبيب ومدن وسط إسرائيل، احتشد المدنيون في الملاجئ لساعات وسط دوي صفارات الإنذار، فيما شهدت العاصمة الإيرانية طهران انقطاعات للكهرباء وتصاعداً للدخان في سمائها.
تحذيرات دولية من اتساع رقعة النزاع
حذرت أطراف دولية من تصعيد قد يتحول إلى نزاع شامل يهدد استقرار الشرق الأوسط، في ظل صمت أميركي رسمي حيال الدعوات لكبح جماح إسرائيل. وفي الوقت الذي نفى فيه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تورط بلاده في الهجمات، لم يصدر عن الرئيس ترامب أي دعوة لوقف التصعيد، ما أثار انتقادات دولية بشأن الموقف الأميركي.
المراقبون يرون أن التطورات الأخيرة قد تكون الأخطر منذ عقود في العلاقة المتوترة بين تل أبيب وطهران، خاصة بعد استهداف قطاعات الطاقة والقيادات العسكرية العليا، مما يعقّد فرص العودة إلى مسار التفاوض، ويزيد من احتمال انخراط قوى دولية في ساحة الصراع.