في توقيتٍ لا يخلو من الدلالة، أبرزت سكاي نيوز عربية تصريحات لوزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، زعم فيها أن "بقاء إسرائيل في مرتفعات الجولان شرط أساسي لأي اتفاق سلام مع سوريا"، معتبرًا أن اعتراف دمشق بـ"السيادة الإسرائيلية" على الجولان خطوة ضرورية للتطبيع مع ما وصفه بـ"الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع".
ويأتي نشر هذه التصريحات – التي بُثت أولاً عبر قناة i24NEWS العبرية – ضمن تغطية إعلامية مكثفة تسعى لتسويق مسار "تقارب سري" بين دمشق وتل أبيب، يتم تصويره كمحصلة طبيعية لـ"تغيرات جيواستراتيجية" في المنطقة، أبرزها الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة.
شكوك سورية حول خلفيات التغطية
من زاوية سورية، تُطرح تساؤلات جدية حول خلفيات إبراز هذه التصريحات في وسائل إعلام إماراتية، لا سيما في ظل غياب أي موقف رسمي سوري واضح بشأن ما يُتداول عن "مفاوضات سرية" أو "تفاهمات برعاية ترمب".
وتثير عبارة "حديقة للسلام" التي استخدمتها القناة للإشارة إلى مصير مرتفعات الجولان، القلق من محاولات تمييع قضية الجولان المحتل، عبر الالتفاف على جوهرها السيادي، وتقديم مشاريع شكلية للتعايش أو الاستثمار المشترك، دون إنهاء الاحتلال فعليًا.
هل تقود سكاي نيوز حملة تطبيع ناعمة؟
يرى مراقبون أن تغطية سكاي نيوز عربية، المتكررة لما تصفه بـ"مؤشرات التقارب السوري الإسرائيلي"، لا تنفصل عن توجه إعلامي أوسع لـتهيئة الرأي العام العربي لموجة تطبيع جديدة، تُموضع سوريا داخل مسار ما بعد "الاتفاقات الإبراهيمية"، رغم الفوارق الجذرية في طبيعة الصراع.
وفيما تشير مصادر إعلامية إسرائيلية إلى دور سوري غير معلن في تسهيل ضربات إسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سوريا، فإن هذا الربط – إن صحّ – يهدف إلى إعادة تأطير التحالفات الإقليمية، وعزل إيران كشرط مسبق لأي تطبيع محتمل، وفق الرؤية الإسرائيلية.
الجولان... لا تسويات على حساب الأرض
تبقى قضية الجولان المحتل هي المحك الحقيقي لأي حديث عن سلام. فالتجربة المصرية – كما تشير مصادر سورية – أثبتت أن استعادة الأرض كاملة هي الممر الإجباري لأي تطبيع ممكن. وأي حديث عن علاقات بين الدولتين، دون إنهاء الاحتلال، يُعد شرعنة مرفوضة لواقع القوة والضم، لا يُمكن لأي قيادة سورية تمريره دون مواجهة شرعية شعبية وتاريخية
إن تسليط الضوء على هذه التصريحات الإسرائيلية – عبر منصات محسوبة على محور إقليمي معين – يعكس رغبة متزايدة في تصوير تطبيع سوريا مع إسرائيل كأمر حتمي ووشيك، رغم غياب أي مؤشرات جدية على تخلي دمشق عن مطلبها السيادي.
ويبقى الموقف السوري الأصيل، الذي يتمسك بـعودة الجولان بالكامل دون شروط أو تجميلات لفظية، هو ما سيحكم في النهاية جدية وواقعية أي مبادرة، بعيدًا عن التسويق الإعلامي الموجه.