شن الطيران الحربي الإسرائيلي، مساء اليوم، غارات عنيفة استهدفت العاصمة السورية دمشق وضواحيها، في تصعيد خطير يأتي على خلفية اشتباكات في محافظة السويداء جنوب سوريا. وجاء القصف الإسرائيلي متزامناً مع تصريحات متطابقة لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه، أكدا فيها استمرار "الاعتداءات "حتى ينسحب الجيش السوري من السويداء، مدعيين أن ذلك لحماية الطائفة الدرزية في المنطقة.
وطالت الضربات الإسرائيلية على دمشق مبنى وزارة الدفاع السورية وقيادة الأركان وأعلنت وزارة الصحة حصيلة الجرحى ١٣ جريحا جراء القصف الإسرائيلي..
الذرائع الإسرائيلية وردود الفعل:
_ حماية الدروز: روجت وسائل إعلام إسرائيلية، وعلى رأسها القناة 12، أن القصف يهدف إلى "حماية الدروز" في الجولان السوري المحتل والسويداء من تداعيات الاشتباكات. إلا أن هذه الذريعة لاقت رفضاًشعبيا واستنكارا واسعاً.
_ مطالب إسرائيلية صريحة: كشفت التصريحات الإسرائيلية الرسمية عن الهدف الحقيقي: الضغط لتحقيق وفرض واقع جديد في المحافظة الجنوبية الغنية والمهمة استراتيجياً.
إدانة سورية:
أدانت الحكومة السورية العدوان الإسرائيلي الجديد، واصفة إياه بأنه "جزء من دعم الاحتلال للإرهاب ومحاولاته اليائسة لزعزعة استقرار سوريا"، مؤكدة حقها في الدفاع عن أراضيها وشعبها في كل مكان، بما في ذلك السويداء.
مخطط تقسيم وفرض واقع جديد:
يرى مراقبون أن التصعيد الإسرائيلي الحالي، المتمثل في القصف المباشر للعاصمة دمشق والمطالبة الصريحة بسحب الجيش السوري من السويداء تحت ذرائع واهية، **يكشف عن خطة ممنهجة تهدف إلى:
_ تكريس التقسيم:
إحداث شرخ جغرافي وسكاني في الجنوب السوري، وفصل مناطق حيوية مثل السويداء.
خلق منطقة عازلة: إقامة منطقة نفوذ أو "أمنية" تحت الهيمنة الإسرائيلية المباشرة أو بالواسطة، تخدم أهداف الاحتلال التوسعية.
_ موطئ قدم دائم: ضمان وجود ونفوذ دائمين للكيان الصهيوني داخل الأراضي السورية، يتجاوز مرتفعات الجولان المحتلة.
استغلال الاضطرابات:
توظيف الأحداث الداخلية في سوريا لتحقيق مكاسب إستراتيجية يصعب تحقيقها في الظروف الطبيعية.
تحذيرات من صمت عربي وتركي:
تصاعدت التحذيرات من أن " الصمت خيانة والتقاعس تواطؤ" في مواجهة هذا المخطط الخطير. وأكدت دوائر سياسية سورية ومعها عدد من المحللين أن:
_ تركيا والعرب عليهم مسؤولية تاريخية: ضرورة التحرك الفوري والجاد على المستويات الدبلوماسية والسياسية والأمنية لوقف العدوان الإسرائيلي ومنع تنفيذ مخططه بتقسيم سوريا.
_ خطب وبيانات واستجداء ترامب لا تكفي: تم التأكيد على أن مواجهة القصف الإسرائيلي والقرارات التوسعية لنتنياهو تتطلب إرادة سياسية حقيقية وإجراءات عملية ملموسة على الأرض، وليس مجرد بيانات استنكار أو أمل في تدخلات خارجية غير مضمونة.
وحذرت هذه الدوائر من أن ثمن التقاعس العربي والتركي سيدفعه الشعب السوري أولاً، ثم الأمة العربية بأكملها، عبر إعادة صياغة خرائط المنطقة وفقاً للمشيئة الصهيونية وتكريس هيمنتها كأمر واقع.
آراء تحليلية حادة:
في ردود فعل على التطورات، علق محللون سياسيون وعسكريون:
"آن الآوان أن يقتنع الجميع أن العدو المشترك هوإسرائيل. كل محاولة لخلق أعداء وهميين داخلية أو إقليمية، هي محاولة مكشوفة ومقصودة لحرف البوصلة عن هذا العدو الحقيقي الذي يتلاعب بالجميع ويسعى لتفكيك دول المنطقة واحدة تلو الأخرى.
"هذا الكيان (إسرائيل) ليس له أصدقاء حقيقيون؛ فهو يعادي الكل في العمق، وسيسعى لتدمير أي قوة تلوح في الأفق، ولن يرضى عنك أبداً ولو انبطحت له وفتحت له كل الأبواب. تاريخه مع حلفائه المؤقتين خير دليل. بقاؤه قائماً على التوسع والعدوان يعني تهديداً دائماً للجميع.
المشهد في جنوب سوريا يشهد لحظة حرجة للغاية. القصف الإسرائيلي لدمشق ليس مجرد رد عسكري عابر، بل هو إعلان صريح عن نية فرض أمر واقع جديد في السويداء والجنوب السوري، تحت غطاء "حماية الدروز" الذي دحضه ممثلو الطائفة أنفسهم. نجاح هذا المخطط المشبوه مرهون بمدى جدية وفاعلية الرد الإقليمي العربي والتركي، في اختبار حقيقي لإرادة مواجهة المشروع الصهيوني التوسعي قبل فوات الأوان.