في سياق استجابتها الطارئة للتصعيد الأمني الأخير في المنطقة الجنوبية، تواصل الحكومة السورية تنفيذ سلسلة من الإجراءات الخدمية والإنسانية لدعم العائلات المتضررة في محافظة السويداء، بما يعكس التزام الدولة ببسط سيادتها كمؤسسات خدمية على كامل الجغرافيا السورية، وضمان عدم ترك أي منطقة خارج مظلة الرعاية الوطنية.
فقد أعلنت وزارة الصحة، اليوم الإثنين، عن إرسال عيادة طبية متنقلة إلى منطقتي بصر الحرير وناحتة بريف درعا الشرقي، لتقديم الخدمات الطبية والإغاثية للعائلات القادمة من السويداء، بالتعاون مع منظمة "ميدغلوبال" الشريكة في جهود الاستجابة الإنسانية.
وصرّح الدكتور أنس بربور، مدير مكتب المنظمة في سوريا، لمراسلة "السوري اليوم"، بأن الفريق الطبي تمكّن خلال هذا التدخل من تقديم الفحوصات والاستشارات الطبية وتوزيع الأدوية على 116 عائلة، شملت 49 بالغًا و19 طفلًا، معظمهم يعاني من أمراض واضطرابات هضمية مرتبطة بالخوف والجوع والتوتر النفسي.
وأشار الدكتور بربور إلى أن الوضع الإنساني في مراكز الإيواء يفرض تحديات صحية ونفسية كبيرة، لافتًا إلى أن أغلب الحالات الوافدة تظهر مؤشرات واضحة على الصدمة النفسية وسوء التغذية، ما دفع الفريق الطبي إلى تفعيل خطة استجابة شاملة تتضمن رعاية نفسية أولية وتوعية صحية بآليات التكيّف مع الضغوط، بالتنسيق مع مختصين في الصحة النفسية والاجتماعية.
من جهته، أكّد مصدر رسمي في وزارة الداخلية السورية أن الحكومة نجحت، بعد جهود حثيثة، في تأمين خروج عشرات العائلات البدوية التي كانت محتجزة في مدينة السويداء إلى مراكز إيواء آمنة، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار الاتفاق الذي يضمن حرية الحركة للمدنيين، وتأمين احتياجاتهم الأساسية، تمهيدًا لعودتهم الآمنة والمحمية إلى مناطقهم الأصلية.
وأضاف المصدر: "الدولة السورية، عبر مؤسساتها الخدمية والأمنية، تؤكد أنها الجهة الوحيدة القادرة على حماية المواطنين وتقديم الرعاية لهم، وتعمل على تكثيف انتشارها الخدمي والإنساني في الجنوب، في رسالة واضحة بأن لا منطقة خارج نطاق السيادة الوطنية."
وبحسب الإحصائيات الصادرة عن الجهات الطبية والإغاثية المشاركة، فإن ما لا يقل عن 750 فردًا تم تأمينهم خلال اليومين الماضيين في مراكز إيواء داخل محافظة درعا، تتوافر فيها خدمات طبية وتعليمية ونفسية أساسية، إلى جانب توفير الوجبات الغذائية والمياه النقية ومواد الإغاثة الطارئة.
وأكدت وزارة الصحة أنها تعمل على تجهيز عيادتين متنقلتين إضافيتين لتوسيع نطاق التغطية خلال الأيام المقبلة، كما تم تقديم مقترح بتزويد المنطقة الجنوبية بشحنة جديدة من الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بالطوارئ والإصابات الحربية، لضمان استمرارية الاستجابة ومواكبة المتغيرات الميدانية.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت تعكف فيه الحكومة على تنفيذ خطة وطنية لإعادة تثبيت مؤسسات الدولة في الجنوب، وتعزيز الخدمات العامة في المناطق التي شهدت اضطرابات، ما يعكس عودة تدريجية للثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وترسيخًا لسيادة القانون كضامن وحيد لأمن الأفراد والمجتمع.