خلص فريق محققين تابع للأمم المتحدة في تقرير صدر يوم الخميس إلى أن جرائم حرب ارتُكبت على الأرجح من جانب كل من قوات الحكومة السورية الجديدة والمسلحين الموالين للرئيس السابق بشار الأسد خلال أعمال عنف طائفي واسعة النطاق اندلعت في منطقة الساحل السوري، والتي بلغت ذروتها بسلسلة من عمليات القتل في مارس آذار.
وأفاد تقرير صادر عن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة المعنية بسوريا بأن نحو 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، قتلوا خلال أعمال العنف التي استهدفت في المقام الأول الطائفة العلوية، ولا تزال التقارير عن انتهاكات مثل أعمال الخطف تتوالى.
وقال باولو سيرجيو بينيرو رئيس اللجنة في بيان صدر مع التقرير “حجم ووحشية العنف الموثق في تقريرنا أمر مقلق للغاية”.
ووثق فريق الأمم المتحدة أعمال تعذيب وقتل وأعمالا وحشية تتعلق بالتعامل مع جثث القتلى، واستند إلى أكثر من 200 مقابلة مع ضحايا وشهود وزيارات لثلاث مقابر جماعية.
وذكر التقرير أن معظم الضحايا كانوا رجالا علويين تتراوح أعمارهم بين 20 و50 عاما، لكن نساء وأطفالا لا تتجاوز أعمارهم عاما واحدا قتلوا أيضا..
وكان الجناة أعضاء في قوات الحكومة الجديدة، بالإضافة إلى أفراد يعملون معها أو على مقربة منها. وأشار التقرير إلى أن مقاتلين موالين لحكومة الأسد المخلوع ارتكبوا انتهاكات أيضا.
ولا يعد التقرير شاملا، إذ لا تزال اللجنة، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عام 2011، تحقق في حوادث وقعت في حمص واللاذقية وطرطوس.
وكانت أحداث منطقة الساحل أسوأ أعمال عنف شهدتها سوريا منذ سقوط الأسد العام الماضي، مما دفع الحكومة السورية إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق.
وقال وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني في رسالة ردا على التقرير “نقدر عاليا الجهود التي عكسها تقريركم الأخير.. نرحب بإشارة تقريركم إلى الإجراءات التي اتخذناها في سبيل المساءلة، بما يتوافق مع التزاماتنا الدولية كدولة ذات سيادة، وتعكس هذه الجهود عزمنا على بناء مؤسسات قائمة على العدالة وسيادة القانون”.
وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن تقرير اللجنة الأحدث حول أحداث الساحل “ينسجم مع تقرير لجنة تقصي الحقائق الوطنية المستقلة”.
ولم يصدر تعليق علني بعد من المسؤولين السوريين السابقين، الذين غادر الكثير منهم البلاد.
ورحب المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توم برّاك بالتقرير واصفا إياه بأنه “خطوة جادة” نحو تقييم المسؤولية عن الانتهاكات. وتعمل إدارة الرئيس دونالد ترامب على رفع العقوبات المفروضة على سوريا تدريجيا، والتي تعود إلى عهد الأسد.
وكشف تحقيق لرويترز الشهر الماضي عن مقتل ما يقرب من 1500 من العلويين في سوريا، وهم الأقلية التي ينتمي إليها الأسد.
وتتبع التحقيق أيضا تسلسل القيادة بدءا من منفذي الهجمات بشكل مباشر وصولا إلى رجال مقربين من قادة سوريا الجدد في دمشق.
وسبق أن ندد الرئيس السوري أحمد الشرع بالعنف واعتبره تهديدا لمهمته في توحيد البلاد، وتعهد بمعاقبة المسؤولين عنه.
وأقرت اللجنة في تقريرها بالتزام السلطات السورية الانتقالية بتحديد هوية المسؤولين عن العنف، لكنها قالت إن حجم العنف يستدعي اتخاذ خطوات إضافية.
وأضاف التقرير أن “ضمانات عدم تكرار الانتهاكات ينبغي أن تكون في قلب العملية الانتقالية في سوريا”