في تطور مفاجئ يعكس حجم الحراك الإقليمي والدولي حول الجنوب السوري، كُشف عن تفاصيل اتفاق وصف بـ"الحاسم" لإنهاء الأزمة في محافظة السويداء، تزامناً مع اتصالات دبلوماسية رفيعة المستوى شهدتها العاصمة الفرنسية باريس بمشاركة مسؤولين سوريين وإسرائيليين وأمريكيين.
اتفاق السويداء
وبحسب تسريبات نُسبت إلى الرئيس التركي، توصلت أطراف إقليمية ودولية إلى اتفاق يقضي بإنهاء حالة الفوضى المسلحة في السويداء، ويتضمن البنود التالية:
_ انتشار عسكري سوري: دخول قوة من الجيش والأمن السوري قوامها 3000 عنصر إلى المحافظة لإعادة فرض سلطة الدولة.
_ ضمانات أمريكية وأردنية: الإشراف على جمع السلاح من الفصائل الدرزية المحلية لتفادي أي مواجهات.
_ عزل الشيخ حكمت الهجري: إخراج الزعيم الروحي وجماعاته المسلحة من المشهد كشرط أساسي للتهدئة.
_ طوق أمني: فرض الجيش السوري حصاراً أمنياً حول السويداء لضبط الأوضاع.
_ ممر آمن للمدنيين: تأمين خروج الراغبين بمغادرة المحافظة نحو دمشق.
ويأتي هذا الاتفاق في ظل أزمة معيشية خانقة تعانيها المحافظة نتيجة انقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات، وسط اتهامات لمليشيات محلية بالتسبب في هذا الوضع.
تحركات دبلوماسية في باريس
بالتوازي مع هذه التطورات، التقى المبعوث الأمريكي توم باراك في باريس، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل الشيخ موفق طريف، حيث ناقشا الأوضاع في السويداء. وطالب طريف خلال اللقاء بتثبيت وقف إطلاق النار، فتح ممر بري آمن بإشراف أمريكي لإيصال المساعدات، رفع الحصار عن المحافظة، والعمل على تحرير المختطفين وعودة النازحين.
وبحسب بيان صادر عن مكتب طريف، فإن اللقاء جاء قبيل اجتماع مرتقب بين باراك ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.
وفي السياق نفسه، أكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن الشيباني عقد بالفعل اجتماعاً في باريس مع وفد إسرائيلي لبحث قضايا تتعلق بخفض التصعيد، وعدم التدخل في الشأن السوري، والتوصل إلى تفاهمات تدعم الاستقرار في الجنوب السوري، بما في ذلك مراقبة وقف إطلاق النار وإعادة تفعيل اتفاق 1974.
ونقلت القناة الإسرائيلية "12" أن الاجتماع الذي جرى مساء الثلاثاء، وشارك فيه ديرمر وباراك، ركّز على الترتيبات الأمنية على الحدود السورية – الإسرائيلية، في حين وصفت القناة "13" لاحقاً اللقاء بأنه كان "مهماً للغاية".
دلالات الحراك
تكشف هذه التطورات عن دخول ملف السويداء مرحلة جديدة من التفاهمات الدولية، بمشاركة أنقرة وواشنطن وتل أبيب وعمّان، إلى جانب دمشق، في محاولة لإعادة رسم الخريطة الأمنية والسياسية في جنوب سوريا. كما تعكس الاجتماعات في باريس وجود قنوات غير مسبوقة بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين برعاية أمريكية، في مسعى لتثبيت الاستقرار ومنع انزلاق المنطقة إلى تصعيد جديد.