دمشق – استقبل وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي، اليوم، الدكتور وفيق رضا سعيد نجل العلّامة الدكتور رضا سعيد، مؤسس الجامعة السورية (جامعة دمشق لاحقًا)، وذلك في زيارة ذات طابع علمي وتاريخي، ضمت وفدًا من الشخصيات الأكاديمية السورية البارزة في المهجر.
وقد حضر اللقاء الدكتور سامي الخيمي، والدكتورة مايا رضا سعيد، الرئيسة التنفيذية ومؤسِّسة شركة (Outcomes4Me) المتخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، والدكتورة دينا قتابي، أستاذة الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في معهد MIT، وواحدة من أبرز الباحثين في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الصحية الذكية.
ناقش الطرفان سبل تطوير جامعة دمشق من الناحيتين العلمية والأكاديمية، بما في ذلك تحديث البنية البحثية، وتعزيز الشراكات مع الجامعات العالمية، وإمكانية الاستفادة من الخبرات السورية في الخارج ضمن برامج التعاون البحثي والتدريب الأكاديمي.
خلفية تاريخية: إرث علمي متجدد
يحمل اللقاء بُعدًا رمزيًا عميقًا، إذ يعيد إلى الأذهان الدور الريادي للدكتور رضا سعيد (1871–1945)، الطبيب والعالم السوري، وأحد أعلام النهضة العلمية في أوائل القرن العشرين. لعب سعيد دورًا مركزيًا في تأسيس الجامعة السورية عام 1923، في وقت كانت فيه البلاد تخرج لتوّها من تحت نير الاستعمار العثماني، وقد سعى من خلالها إلى بناء مؤسسة وطنية تليق بمرحلة الاستقلال والتحول إلى دولة عصرية.
تولى رضا سعيد رئاسة الجامعة بين عامي 1923 و1936، وأسّس معها رؤية قائمة على جمع العلوم الطبية والشرعية والحقوقية والآداب تحت مظلة وطنية واحدة. كما كان له دورٌ في تأسيس مكتبة الجامعة وأرشفتها وتنظيم الحياة الأكاديمية بشكل منهجي.
دلالات اللقاء: تواصل الأجيال واستثمار العقول المهاجرة
لا يقتصر اللقاء على رمزيته التاريخية، بل يحمل مؤشرات واضحة على توجه جديد لوزارة التعليم العالي نحو الانفتاح على الكفاءات السورية المغتربة، والاستفادة من خبراتهم في التأسيس لعهد علمي جديد. فوجود شخصيات علمية بحجم الدكتورة مايا سعيد، التي تُعد من الرائدات في توظيف التكنولوجيا لخدمة مرضى السرطان، والدكتورة دينا قتابي، المتخصصة في الأنظمة الذكية والاستشعار الحيوي، يُمكن أن يفتح آفاقًا حقيقية لشراكات مع كبرى المراكز البحثية العالمية.
من جهته، أكد الوزير الحلبي حرص الوزارة على مدّ الجسور بين الجامعات السورية وكفاءاتها في الشتات، مشيرًا إلى أن إعادة ربط الجامعة بمؤسسيها ورموزها، هو نوع من الوفاء والتجديد معًا، يبعث برسالة مفادها أن سوريا قادرة على النهوض مجددًا إذا أُتيح للعقول السورية أن تعمل وتتعاون.
اللقاء شكل كذلك فرصة لمناقشة آليات دعم البحث العلمي والتقنيات الطبية، وسبل تمكين جامعة دمشق من مواكبة التطورات في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الصحية، والبحث متعدد التخصصات.
زيارة نجل مؤسس الجامعة، وما رافقها من حضور نوعي متميز، تعيد التأكيد على أن الجامعات ليست مجرد مبانٍ وأقسام، بل ذاكرة حية ومسؤولية ممتدة عبر الأجيال. وهي مناسبة لتجديد التزام المؤسسات التعليمية السورية بدورها الوطني والعلمي، والانفتاح على المستقبل دون أن تنسى جذورها.