يومان تاريخيان مرا على سوريا غيرا مجرى التاريخ: يوم الاستقلال (الجلاء)، في 17نيسان/أبريل 1946، ويوم الخلاص من الطاغية الصغير بشار الفار في 8 كانون الأول/ديسمبر. في يوم جلاء الجيش الفرنسي عن سوريا قال شفيق جبري :
حلم على جنبات الشام أم عيد لا الهم هم ولا التسهيد تسهيد
أتكذب العين والرايات خافقة أم تكذب الأذن والدنيا أغاريد
كان هذا الاستقلال حلما للشعب السوري بعد احتلال فرنسي دام 26 سنة، وتحقق بفضل نضال الشعب السوري بثورته الكبرى في العام 1925 ثم بنضال قادته السياسيين الذين صبيحة الاستقلال كان هدفهم الأول بناء الدولة الديمقراطية العصرية التي يتساوى فيها كل أفراد المجتمع لا فرق بين سني وعلوي، أو درزي وكردي، أو اسماعيلي ومسيحي. حتى أن البرلمان السوري الذي تشكل بالانتخابات كان يضم كل الفئات المجتمعية بنسب تتناسب وتعدادهم السكاني.
وخرج المستعمر بأقل الخسائر الممكنة. هذه التجربة الديمقراطية الوليدة كانت سباقة في عالم عربي كانت معظم دوله تحت نير الاستعمار.
وفي كل مرة كانت الانقلابات العسكرية تجهض كل تجربة ديمقراطية تقوم بها الأكثرية السنية. في العام 1949 قام حسني الزعيم (كردي) بانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب شكري القوتلي وتلاه انقلابان لكرديين (فوزي سلو)،
وكان آخر انقلاب في العام 1970 الأسوأ في تاريخ سورية الذي قام به حافظ الأسد (علوي) الذي أدخل سوريا والشعب السوري في نفق مظلم طويل دمر خلاله سوريا وارتكب أبشع المجازر في سوريا والمقابر الجماعية والسجون وأقبية المخابرات شاهدة على ذلك، وحولها إلى ديكتاتورية وراثية أوصلت سوريا على شفا هاوية منبوذة مستعمرة من أكثر من دولة، تعيث فيها الميليشيات الطائفية، وعصابات المخدرات،
وهذا النفق الطويل المرعب انتهى أيضا بثورة الشعب السوري العظيمة التي كنست هذا الحكم الطائفي الإجرامي وفر المجرمون وعلى رأسهم الطاغية الصغير في يوم الخلاص الكبير من أسوأ فترة ديكتاتورية وراثية عرفها التاريخ والتي كانت أبشع، وأسوأ بدرجات لا تقاس من المستعمر الفرنسي. هنا أيضا كان الخلاص حلما على جنبات الشام،
وقال وزير الثقافة محمد صالح
لقد صمنا عن الأفراح دهراً
وأفطرنا على طبق الكرامة
فسجّل يا زمان النصر سجّل
دمشق لنا الى يوم القيامة
لقد تحقق الحلم بعد دهر دام 54 سنة من حكم الطاغيتين ذاق خلاله الشعب السوري أمر أساليب العذاب والقهر والإبادة والتهجير والامتهان والطائفية البغيضة.
فما أجمل الانعتاق
من ربقة "الرفاق"
كان حلم البلد
وفر صاحب "الأبد"
فطوبى للشعب السوري في هذا اليوم العظيم، طوبى لكل سوري يؤمن بأن سوريا لكل السوريين، طوبى لكل ساعد يبني ما خرب الطغاة والمجرمين، طوبى لكل من يؤمن بسوريا النجاة. طوبى لكل من يقف في محرابها ويدعو لها ولشعبها بالتآخي، والتقدم، والازدهار، فدمشق لنا منذ الأزل، ودمشق لكل السوريين إلى الأبد.