القسّام يُقلق إسرائيل في قبره

قبر عز الدين القسام في حيفا ملطخا من قبل الصهاينة وعليه شعار النازية
قبر عز الدين القسام في حيفا ملطخا من قبل الصهاينة وعليه شعار النازية


يبدو أن دولة الاحتلال المارقة لا تخشي المقاومين الأحياء بل تخشى أيضا كل المجاهدين الأموات، واليوم تحاول الاعتداء على قبر المناضل المجاهد السوري عز الدين القسام الذي أشعل ثورة 1936 في فلسطين ودفع حياته ثمنا له وتم دفنه في حيفا حيث تقوم بعض الجهات الصهيونية بشكل مستمر بتلطيخ قبره بالصباغ الأحمر ويحاولون تدميره، ومؤخرا قام الصهيوني المتطرف المجرم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير مواصلته الإجراءات العملية لتدمير ضريح المجاهد التاريخي عز الدين القسّام في مقبرة بلد الشيخ في حيفا داخل أراضي 48، بدعوى أنه ملهم “الإرهاب” الفلسطيني، وأن حركة المقاومة “حماس” أسمت ذراعها العسكري على اسمه.
وأثارت دعوة رئيس لجنة الداخلية الجديد في الكنيست، النائب يتسحاق كرويزر، من حزب “عوتسما يهوديت” الذي يترأسه بن غفير، لعقد جلسة برلمانية خاصة لمناقشة ما وصفه بـ “موقع قبر عز الدين القسّام” في حيفا، ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والدينية العربية، وسط اتهامات بمحاولة جديدة للمساس بالمقبرة الإسلامية التاريخية الواقعة في بلدة الشيخ المهجّرة، والتي تضم رفات الشيخ عز الدين القسّام.
في حديث لـ “راديو الناس” في الناصرة قال النائب وليد طه، رئيس كتلة القائمة العربية الموحدة وعضو لجنة الداخلية سابقًا، إن الجلسة التي دعا إليها كرويزر “تحمل طابعًا تحريضيًا واستعراضيًا، وتأتي في إطار سياسة ممنهجة تستهدف الإنسان العربي حيًا وميتًا”. وأضاف طه: “نحن أمام أول جلسة يقرر كرويزر عقدها بعد انتخابه لرئاسة اللجنة، وتتناول تحديدًا تدمير مقبرة القسّام. هذه المقبرة، المقامة على أرض وقفية، صودرت من سكان بلدة الشيخ بعد تهجيرهم عام 1948، في سياق مصادرة أراضٍ وقفية واسعة في البلاد”.
وتابع: “في الماضي، تم نبش قبور في مقابر إسلامية أخرى، مثل مقبرة السرايا في صفد، وبُنيت محكمة فوقها، واليوم نرى محاولة مشابهة تهدف إلى طمس معالم مقبرة القسّام، رغم أنها تضم رفات شيخ جليل وقبورًا لمسلمين آخرين”.
حفيد القسام أحمد محمد عز الدين القسام (ضابط في السلطة الفلسطينية مقيم في جنين اليوم)
وحذّر طه من خطورة المضي بهذا المخطط، في ظل حكومة لا تبدي أي التزام بقرارات المحاكم أو توصيات المستشار القضائي للحكومة، معتبرًا أن “هناك تخوفًا جديًا هذه المرة من تدمير المقبرة بالكامل إذا لم يكن هناك تحرك شعبي وقانوني واسع”
من جهته، قال المحامي خالد دغش، متولي أوقاف حيفا لـ “القدس العربي” إن تاريخ المساعي الإسرائيلية للمساس بمقبرة القسّام يعود لعقود، موضحًا أن أجزاء من المقبرة صودرت منذ قيام الدولة، لكن نحو 15 دونمًا ما زالت تحت ملكية الأوقاف وفق سندات رسمية.
وأضاف دغش: “حصلنا على إنجازات قضائية مهمة خلال السنوات الماضية، أبرزها قرار محكمة الكريوت، قبل نحو عشر سنوات، الذي منع صراحة أي مسّ بالمقبرة أو فتح للقبور، ورفض أي محاولة لنقل رفات أو نبش قبور”.
لكن المحامي دغش حذّر من أن هناك اليوم محاولة للتحايل على المسار القضائي عبر تحريك القضية في المستوى السياسي والكنيست، وهو ما وصفه بـ “الالتفاف الخطير على قرارات المحاكم”. وأكد أن أوقاف حيفا، بالتنسيق مع “لجنة المتابعة” وأعضاء الكنيست العرب ومؤسسات مثل مركز “عدالة”، لن تشارك في الجلسة، لكنها تدرس تحركات قانونية ومهنية أخرى، من بينها إصدار ورقة موقف رسمية وطرح القضية في المحافل الدولية. وأشار دغش إلى بُعد إقليمي محتمل في هذه القضية، قائلًا:
 “إذا تم المساس بمقبرة القسّام، أو أي مقبرة إسلامية في حيفا، فإن ذلك قد ينعكس على مقابر يهودية في دول عربية مثل مصر وتونس والمغرب، حيث تُحترم الأماكن الدينية والتاريخية لليهود حتى اليوم. هذه المعادلة يجب أن تؤخذ بالحسبان”.
تأتي هذه الخطوة رغم تعهدات سابقة من السلطات الإسرائيلية بعدم المساس بالمقبرة،
 ورغم مرور 90 عامًا ما زال القسّام، رمزًا ملهمًا للمقاومة الفلسطينية، وباسمه سُمّي الذراع العسكرية لحركة “حماس”، كما تمّت تسمية مدارس ومساجد ومؤسسات باسمه في فلسطين. ومنذ احتلال حيفا عام 1948 يُحرم المسلمون في حيفا من دفن موتاهم في مقبرة بلد الشيخ (مقبرة القسّام)، وحتى الأموات فيها لا يسلمون من الاعتداءات، إذ تعرضت أضرحتها، وبالذات ضريح القسّام والنقابي الفلسطيني سامي طه، للانتهاكات الدائمة.
وقبل سنوات، تم تدنيس ضريح القسّام بشتائم وبرسمة نجمة داوود الحمراء، وقبلها وضع رأس خنزير بجانبه. ويوضح المحامي علي رافع من حيفا لـ “القدس العربي” أن مقبرة القسّام تتعرض للقضم والانتهاكات و”الموت بالتقسيط” نتيجة شق الشوارع ومشاريع البنى التحتية، كما هو الحال مع مقبرة مأمن الله في القدس المحتلة.
يُشار إلى أن عز الدين القسّام سوري الأصل، وُلد في مدينة جبلة- قضاء اللاذقية في سوريا عام 1883. وفور عودته من الأزهر قاوم الانتداب الفرنسي الذي حكم عليه بالإعدام، ففرّ إلى حيفا، وعيّنه مفتي القدس الحاج أمين الحسيني إمامًا لمسجدها الكبير “الاستقلال” عام 1928. ودعا القسّام للجهاد ضد الاستعمار البريطاني في فلسطين وشارك رفاقه به، تم اغتياله في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1935 قريبًا من يعبد قضاء جنين برصاص الإنكليز. وكان في آخر خطبة له قد قال:" “أيها المسلمون أنتم كالأيتام.. تحتاجون لخليفة”.
" هذا الاغتيال عاملًا ساهم في اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939) التي حملت اسمه من بعده. وفي عام 1948 أُغلقت الدائرة في المرة الأولى، حيث اضطر أبناء المجاهد عز الدين القسّام لمغادرة حيفا والعودة لجبلة جراء النكبة.