من النكبة إلى النكبات

مفتاح العودة رمز الفلسطيني
مفتاح العودة رمز الفلسطيني


سبع وسبعون سنة مما نعد مرت على نكبة الأخوة الفلسطينيين، سبع وسبعون سنة مما نعد سنة بعد سنة ونحن نقول العام المقبل سيخفق علم فلسطين في القدس، سبع وسبعون سنة مما نعد لم نعد سوى النكبات، حتى تعددت النكبات على عدد السنوات، نكبة ترتكبها دولة الاحتلال، وأخرى يرتكبها الأخوة العرب الذين وعدوا الفلسطينيين يوم النكبة الأولى أن يعودوا إلى ديارهم بعد بضعة من أيام أخر فإذا بها تستمر سبع وسبعون سنة مما نعد، ولا زلنا نعد، قبل الفلسطينيون في حيفا، ويافا، واللد، وتل الربيع، والجليل، والنقب، وعسقلان، والكرمل، وقتلوا أيضا في بغداد، ودمشق، وعمان، وبيروت، هذه العواصم التي وعدت يوما بإعادة المهجرين إلى ديارهم، هكذا عشنا الملحمة الفلسطينية، وهكذا اكتشفنا ظلم الأنظمة "الثورية، الممانعة، المتصدية لدولة الاحتلال والاستعمار"، هكذا أدمت قلوبنا دماء الأطفال في غزة، وحبست الدمع في مآقينا مقاساتهم للجوع، والبرد، والتهجير. سبع وسبعون سنة والحبل على الجرار من نكبة إلى أخرى، كل واحدة أقسى، وأدمى، وأشد ألما من الأخرى. النكبة الأخيرة ربما كانت أكثر النكبات قتلا وسفكا وتجويعا، ربما أيضا كانت الأكثر خطرا على الشعب الفلسطيني الذي يواجه أعتى قوى في العالم التي تريد أن تسلبه أرضه، وهي أعز ما يملك، لأن هذه الأرض، ملكة الأرض، من أجلها نستحق الحياة، ومن أجلها نستحق الممات، هذه الأرض التي اختلط ترابها بالدم الفلسطيني، ودمع الثكالى، والأيتام، ورائحة البارود، والفوسفور، كيف لحذاء صهيوني أن يدوسها ويندسها، هل مكتوب عليك أيها الفلسطيني أن تتكالب عليك روم، وعرب، وعجم، وصهيون، ويانكي. اليوم انت تحت النار في غزة، وجنين، وطولكرم، والأعداء من الطرفين من يدعون باسمك التحرير، ومن يسعون بكل قوتهم وقوة حلفائهم ليطحنوا عظام أبنائك، فعلى أي الجانبين تميل، في هذه الذكرى الأليمة تخرج مفتاح بيتك العتيق، أو بيت أبيك وجدك، تقبله وتعيده إلى مكانه على جدار الذكريات وتقول في السنة المقبلة سنعود إلى قدسنا، ولا يدب اليأس في قبلك، لأنك تقاوم، وستبقى تقاوم، وستخرج مفتاحك في ذكرى كل نكبة، ولا بد يوما أن يعود هذا المفتاح إلى الباب الخشبي العتيق الذي اقتلع منه بمقاومتك وعزيمتك ودمك وإرادتك، وعدم تعويلك على جامعة عربية، أو إسلامية، أو "الجبهات الممانعة" فجميع هؤلاء هم الذين ألقوا بك في الجب وقالوا لشعوبهم إنه الذئب، لكن قميص يوسف فتح عيني يعقوب هذه المرة وبان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، بعد ليل أليل بهيم، وخداع الأخوة الذين ألقوك في الجب وتركوك وحيدا في نكبتك الأخيرة كما في كل النكبات السابقة .