أول أضحى لسورية الذبيحة بدون القبيحة

السيف الدمشقي
السيف الدمشقي


كم من أضحى مر علينا ونحن نرى وجه القبيحة، ووجه بطتها، "الحيوان" كما وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذيل الكلب كما وصفه الروس، والمجرم ابن المجرم الكيماوي كما يصفه السوريون جلاد سورية الذبيحة، التي لم تشهد مثيلا له لا في تاريخها ولا في جغرافيتها. كم من أضحى مر علينا ونحن نرى وجه القبيحة التاجرة بأعضاء المعتقلين، وبيع أطفالهم، وسارقة أموال سوريا، كم من أضحى مر على ملايين السوريين منهم من كان في زنازين الموت والتعذيب، ومنهم من كان تحت الخيام المهترئة التي لا تقي قرا ولا هجيرا، كم أضحى مر على أمهات ثكالى تبحث عن أبنائها المفقودين وهم في المقابر الجماعية، كم من أضحى مر على من ركبوا البحار، ومخروا الفيافي، في ليالي التسلل إلى أمكنة آمنة، كم من أضحى مر على نساء اغتصبن في زنازين الجلاوذة وعلى أطفالهن الذين كانت السجون مسقط رؤوسهم ولا يعرفون ما العصفور، ولا الشجرة، ولا الفضيحة، ولم تلمس خدودهم نسمات الريح، ولا صبا بردى، والعاصي، ودجلة، والفرات، ولا الغوطة الفسيحة، كم من أضحى مر والسوريون يعدون السنين تحت الذل، والفقر، والجوع، والمهانة.
كلها أصبحت من الماضي، ولكن تبقى في الذاكرة، لن تمحوها السنون، أصبحت من الماضي لكننا نتذكرها مع كل أضحى بدون القبيحة، وجلاد سورية الذبيحة، نتذكرها مع كل نسمة حرية، مع كل لقمة طيبة مطمئنة على كتف بردى، وفي ديك الجن، وعلى صوت عنين النواعير التي كانت بالأمس مدماة بدم الحمويين، أمام قلعة الشموخ في حلب، والمسجد العمري في درعا، وعلى رابية من روابي النبك والقلمون.
ستطوي الأيام وسنرى دمشق الخالدة لنا إلى يوم القيامة، والسيف الدمشقي ممشوقا في ساحة الأمويين، دمشق التي كانت يوما سيدة العالم، وبانية الدولة الأموية التي رفرفت راياتها من الصين، إلى الهند والسند، وخراسان، وفارس، وبلاد الشام، والجزيرة العربية، وأرض الكنانة، وإفريقيا، والأندلس حيث قام الأمويون ببناء أجمل حضارة عرفتها الإنسانية. هذي دمشق.
هذي دمشق.. وهذي الكأس والراح
إني أحب... وبعـض الحـب ذباح
أنا الدمشقي.. لو شرحتم جسدي
لسـال منه عناقيـدٌ.. وتفـاح
و لو فتحـتم شراييني بمديتكـم
سمعتم في دمي أصوات من راحوا
زراعة القلب.. تشفي بعض من عشقوا
وما لقلـبي –إذا أحببـت جـراح
مآذن الشـام تبكـي إذ تعانقـني
وللمـآذن.. كالأشجار.. أرواح
رحم الله نزار
وكل عام والشام بخير